لا أعمل مدرسة لكني أقوم بإعداد مسابقة المدرسين في المدارس، ويدرس ابني وعمره ٥ سنوات ونصف هذا العام منهج حاسة السمع وعلم الأصوات وقام بإجراء التجربة الآتية في الفصل بعدة زجاجات تحتوي علي كميات مختلفة من الماء ولكن الأصوات التي تم الحصول عليها "بدق" الأكواب تكون أقل أو أكثر في حدتها. لماذا؟

إن الكوب الذي نقوم بدقه يشبه الأداة ذات الصدى التي تهتز بتردد معين يميزها. إن ارتفاع الصوت المسموع يعد قياساً لهذا التردد. كلما ارتفع التردد كلما كانت النوتة مرتفعة. إذا أحدث الكوب الذي يحتوي علي الماء صوتاً أكثر ارتفاعا من نفس الكوب وهو فارغ فذلك لأن تردد اهتزازاً يكون أكثر ضعفا. التردد الذي يهتز بواسطة الكوب، كوتر من أوتار البيانو أو كالجرس يعتمد علي العاملين  المتضادين: وهو ما يمكن أن نسميه "خشونة" الأداة، مقاومتها للتغير في الشكل من ناحية وفي الكتلة من ناحية أخرى. وبالنسبة لكتلة معينة، كلما كانت الأداة "خشنة" كلما كان تردد اهتزازها عالياً. وبالنسبة لدرجة معينة من الخشونة، كلما زادت الكتلة كلما قل التردد. إن الأكواب التي تنتمي لنفس السلسلة (أو ما شابه ذلك) تكون متساوية من ناحية الخشونة والكتلة: إذا كانت هذه الأكواب فارغة فإنها تدق علي نفس النغمة، أما إذا ملأناها بالماء، فتظل درجة الخشونة كما هي لكن الكتلة تختلف وتكون النوتة أعلي كلما زادت كمية الماء وإذا تم قياس درجة الامتلاء جيدا، نستطيع عمل مجموعة من ٨ وحدات، نوتة تلو الأخرى ولن يبقي لدينا سوى عزف أغنية "فرير جاك".

أول شيء يجب أن نفهمه هو أن الصوت هو اهتزاز للهواء أي حركة سريعة لذهاب وإياب الهواء (نوع من تيار الهواء الصغير الذي يتغير دون توقف الاتجاه). ولعمل ذلك التيار نستخدم أنواع الأدوات التي لديها تلك الحركة الاهتزازية كافة. ثم بعد ذلك نصل بينها وبين الهواء: فمثلا، وتر الجيتار الذي يمكن أن نراه يتحرك سريعا جدا  عندما نمسك به ثم نتركه:لا نستطيع متابعة حركته لأنه سريع جدا، لكننا نري "حركته المغزلية" التي تمثل مجموعة أوضاع الوتر. وعندما ندق علي الكوب يحدث نفس الشيء: فعند الاهتزاز السريع، يصدر الكوب صوتاً ولا نري تغيراً في شكل الكوب لأنه أقل من التغيير  أقل من التغير الحادث في الوتر ولكن لأن مساحة اتصاله بالهواء أكبر، فإن الصوت الناتج عنه يكون أكثر ارتفاعا. إن ارتفاع الصوت يعتمد علي سرعة التغير: إذا كانت الاهتزازات سريعة، يرتفع الصوت وإذا كانت أقل يرتفع الصوت أكثر. هناك عاملان يحددان سرعته سواء كانت أقل أو أكثر، وهما صلابة الأداة التي تتغير وكتلتها. فعلي سبيل المثال، يمكن إجراء التجربة التالية: إذا ربطنا ثقلاً بشريط مطاطي (أو من الأفضل بزنبرك) وقمنا بشده، يبدأ الثقل في الاهتزاز. إذا زاد الثقل دون تغيير الشريط المطاطي كانت الاهتزازات أبطأ. وإذا أخذنا شريطاً مطاطياًَ أكثر صلابة (مثلا بازدواجه) دون تغيير الوزن تصبح الاهتزازات أكثر سرعة. عندما نضع الماء في الكوب نضيف كتلة تعوق اهتزازات الكوب. وعندما يكون الكوب فارغاً تتحرك جوانبه بحرية، واهتزازات جدرانه ترغم الماء الذي يحتوي عليه على الاشتراك في الاهتزازات. وذلك مشابه لحالة إذا ما أضفنا ثقلا علي الشريط المطاطي: تصبح الاهتزازات أكثر بطئا أي تحدث صوتا أقل ارتفاعا.